الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

الطوفان

أري أننا نقع دائما في نفس الخطأ ألا و هو أننا ننشغل بما لدي الغير دون النظر لإحتياجاتنا نحن. و لأوضح مقصدي سأروي حكاية.

نتشارك أنا ومجموعة من الناس الطيبين في قطعة أرض بمساحة خمسين فدانا. فمنا من يملك فدانين و منا من يملك خمسة و عشرة وهكذا.

إعتدنا أن نتقاسم تكاليف الخدمات المشتركة حسب نسبة التملك تلك و كلنا نزرع زيتونا لقدرة هذا النبات العجيبة علي مقومة الظروف السيئة من حر و برد و نقص المياه إلي اخره.

بدأ البعض في تربية ماشية في حين بدأ البعض الاخر في زراعة بعض الخضروات التي يحتاج لكمية أكبر من الماء. و حيث أننا نتشارك في بئر مياه واحد فقد أثار أولئك الذين لم يزرعوا خضروات إعتراضات و طالبوا بالحصول علي نصيب مماثل من الماء و ري الزيتون به رغم عدم حاجته لهذه الكمية الإضافية من الماء.

هذا توضيح لما قصدت بالفقرة الإفتتاحية لهذه المدونة. إننا منشغلون دائما بما لدي الاخرين أكثر من إنشغالنا باحتياجاتنا الفعلية. 

و قد تسبب ذلك في تغير مستوي التطلعات فمنا من يفكر في إقتناء جهاز محمول راه مع أحد أصدقائه و منا مشغول بإقتناء شاليه في الساحل أو سيارة ذات دفع رباعي علي حسب ما تسمح به أقصي الإمكانيات.

وقد سبب ذلك علي مستوي اخر أن تصور بعض المتطلعين لتغييرالأحوال في بلادنا إلي الأفضل أن ذلك لن يكون إلا باتباع الأسباب التي أدت إلي تقدم الغرب و قد يكونوا محقين في تصورهم هذا و لكن ينبغي أولا أن ننظر إلي إحتياجاتنا الحقيقية فنأخذ من تجارب الاخرين ما يصلح لنا و ندع ما لا يصلح.

هذا منطق قد يبدو بسيطا في فهمه و لكن تحفه صعوبات شتي في كيفية التطبيق.

علينا أن نسأل أسئلة محورية من نوعية هل لدينا تصور لنظام الحكم؟ و مسئولية الحاكم و المحكوم و علاقة الأفراد ببعضهم و علاقة الفرد بالمجتمع؟

ما هي القيم الكبري التي ينبغي أن تحكم كل هذه التفاصيل. كذلك ما هي مشاكلنا الملحة و ما هي أولوياتنا؟ ما هي المعتقدات أو الثقافة السائدة في المجتمع التي قد تتعارض مع القيم التي إرتضيناها؟

من المؤكد أننا سنتوصل لصيغة ترضي الأغلبية إذا ما نحينا (خلال هذا البحث فقط) معتقداتنا و ثوابتنا جانبا و حكمنا المنطق  السليم و غلبنا المصلحة المؤكدة.

لا ينبغي أن نستخدم الألفاظ المطاطة و لا التعميم. و لنبتعد عن الأيديولوجيات و الثوابت التي تتسبب في عمي القلب و إنغلاق العقل نحو الاخر.

إن إستمرار الحوار علي النسق الحاصل الان في مجتمعاتنا لن ينتج إلا مزيد من التنافر, و سيتسبب في النهاية بأن يقوم السوقة و العامة و الغوغاء بعمل فتحة في قاع السفينة و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. ونحن ما زلنا نتهم بعضنا بالكفر و العمالة. إستيقظوا يا قوم

الأحد، 21 نوفمبر 2010

الولاء لمن؟

الركون إلي ثوابت بدون مراجعات من وقت لاخر و الدفاع عن الأيديولوجية بشكل أعمي بغض النظر عن الحقيقة المجردة, يعني أن يصيب صاحبها نفسه بعمي إنتقائي إختاره هو طواعية دون إكراه.


تذكرت ذلك وأنا أتابع الجدال الذي دار في و سائل الإعلام عقب عرض مسلسل "الجماعة" الذي لم أشاهده و لكني فوجئت بتمسك كل طرف بموقفه بشكل غير قابل للنقاش و تعديل المواقف فيه يبدو مستبعدا, كما أن لغة الحوار, و هو ليس كذلك لأن كلاهما لا يستمع لما يقوله الاخر, كانت لغة متدنية مليئة بالإتهامات بالتطرف و الكفر.


يعاني من هذا العمي الإختياري معظم المثقفين في بلادنا. إن ولاءهم للأيديولوجية أو للمدرسة الفكرية أعلي من إنتمائهم للحق.

إنها أزمة لا أدري إن كانت إقليمية أو كونية و لكنها حقيقة واقعة و هي كما أعلم ضد أرقي مبادئ الدين الإسلامي الذي يأمر (لا يوصي) بإتباع الحق و لو علي أنفسنا أي ما خالف هوانا و إنتمائنا و جماعتنا و ثوابتنا و أهلينا.


هذا ما يعاني منه الأستاذ وحيد حامد حامد بثوابته عن الدولة المدنية كذلك يرفض فيه منظري الإخوان مراجعة فكر الشيخ البنا رحمه الله كأنه من أصول الدين أو من المعلوم من الدين بالضرورة.


ولو راجعنا موقف معظم الجماعات و الجمعيات و المنظمات و الأفراد من مثقفي هذه البلاد لوجدنا أنها تعاني من نفس العمي.


الخلاصة أن الولاء يجب أن يكون للحق و هو في معظم الأحيان محكوم بملابسات و ظروف وقتية ومكانية. ولا ينبغي أن يكون الولاء لثوابت لا يتم مراجعتها بشكل أمين.


بالطبع أستثني من ذلك بالنسبة لي حقيقة أن الله موجود وأن محمدا رسوله و كل أصول الدين القطعية سندا و دلالة.

.

الجمعة، 19 نوفمبر 2010

إعادة توجيه

نتعرض دائما في حياتنا اليومية لكمية هائلة من الاراء المتباينة تعتمد  معظمها علي شرعية تأصيل الحق في الإختلاف و حرية الرأي وهذا حق في ظاهره, إذا تم تناول معظم هذه الاراء أو وجهات النظر بالتحليل السليم فسيتم إستبعاد معظمها من قبل كل صاحب عقل سليم دون الدخول في فلسفات أو نظريات المنطق و علم الكلام التي تهدف الي إيجاد ردود علي الردود أكثر مما تستهدف وجه الحقيقة.


 و عليه فإن الفطرة السليمة و المنطق القويم سيستبعد معظم هذه الخلافات و لن يبقي إلا الصالح و لن يختلف الناس علي مائة طريق كما هو الحال الان في بلادنا. ولكن ستقل الطرق التي تفرق الناس حتي تنحصر فيما يقبله العقل السليم.


ولو سلمنا بصحة هذا المنطق, الذي تؤكده المشاهدات فيما رسخ من مفاهيم لدي بعض الدول المتقدمة, ولا ينقضه وجود بعض الشواذ علي طرفي المعادلة هنا و هناك, أقول لو سلمنا بصحة هذا المنطق, فيمكننا بالرجوع بالأشياء إلي أصولها القضاء علي كثير من الاراء التي رسخت في أذهان طبقات واسعة من المجتمعات العربية بقوة التكرار و الإلحاح, قلة أو ضعف صوت الذين يتولون الرد عليها من محبي الحق و الحقيقة.


و لو تأملنا أحوالنا اليوم لرأينا أن معظم الإختلافات ناتجة عن عدم شيوع ثقافة الهدف النهائي أو المعني الكلي المراد من كل نشاط إنساني مثل:


كيف يمكن الحكم علي أداء أي حكومة؟ و التأصيل يعني أن نعود بالمنطق البسيط لقياس جودة ووفرة الأساسيات في حياة الناس مثل الأمن و السكن و التعليم و الصحة و النقل و خلافه. تأمل الجدال الدائر في بلادنا عن الجهد الخارق الذي بذلته و تبذله الحكومات المتعاقبة و نجاحها في كل ما وكل لها من مهام, مع أن النتيجة واضحة و غير قابلة للنقاش لو رجعنا بالأمر لأصله و هي أن كل الحكومات فشلت فشلا ذريعا في كل مهامها الأصلية. ولكن إذا رحنا نناقش معدل النمو و تقرير البنك الدولي و ما صرف علي المحمول و علي العمرة و الحج و عدد مستخدمي الإنترنت, ضاعت المسئولية بين ألف طرف ليست الحكومة إلا طرفا واحدا فيها.


أرجو أن أكون قد نجحت في شرح فكرتي لأنها ستكون المدخل الي نظرات أعمق في قضايا أخطر, و بالله التوفيق












الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

هذه هي اولي تدويناتي التي امل أن أتشارك من خلالها مع المهتمين بالشأن العام و الحريصين علي الغوص في المعاني الحقيقية للأشياء و كذلك المنشغلين بتحليل الظواهر و معرفة الأسباب الحقيقية لها و من ثم تصور حلول لا مسكنات ما يلبث أثرها أن يتلاشي. امل أن أتواصل مع أولئك الساعين للحقيقة دون تابوهات أو ثوابت متوارثة ما أنزل الله بها من سلطان, نعيش ساعة من التجرد لوجه الله أو لوجه إتباع الحق دون الهوي الذي يحكم كثير من الأفكار اليوم. مرحبا بكل باحث عن الحق, متشوق للعدل, محترم لعقله الذي رزقه الله إياه كي يبلغ به السعادة و من أهمله كان في زمرة الغافلين.