الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

مراجعات

نحن نعاني من كم هائل من المشاكل التي تتراوح بين المزمنة و الحادة و الأقل حدة و هكذا. وتختلف طرق تناولها من كل الكتاب والصحفيين و الإعلاميين في وسائل الإعلام المختلفة ولكن جميعهم بلا أستثناء أسري للعامل الوقتي و مدي سخونة الحدث.


فمثلا حادث قطار الصعيد يغطيه غرق العبارة فمقتل سوزان تميم ثم إقالة إبراهيم عيسي و هكذا و تنشغل كل وسائل الإعلام بالحدث الساخن أو بالأزمة المستفحلة. ثم ما تلبث كل أزمة أن يطويها النسيان إلي أن تتكرر في صورة أزمة جديدة تذكر الجميع بمثيلتها و تقوم الدنيا ثم تقعد. ولكن تحول سخونة الأحداث المتجددة دون دراسة أسباب المشاكل المتكررة و لا سبل الحيلولة دون تكرارها.


هذا سلوك الإعلام في معالجة مثل هذه الأحداث و هو مفهوم  تفرضه المقاييس الإعلامية المتعارف عليها حيث يمثل تفويت التغطية الإعلامية للأحداث الساخنة فشلا إعلاميا ذريعا, و الإعلاميين هنا غير مهتمين بالتغيير الذي يمكن أن يحدثوه في الثقافة السائدة أو الدفاع عن المثل و القيم العليا. لقد استراحوا لتطبيق المعايير التي وضعها غيرهم للنجاح و التأثير. فالتأثير و الإنتشار يعكسه حجم الإعلانات و المبيعات.
أما بالمقاييس الأصلاحية فيجب إتباع منهج مختلف تماما,  يقوم علي حصر للمشاكل التي تواجه المجتمع و ترتيبها حسب الأهمية ثم دراسة أبعادها و اسبابها وسيناريوهات العلاج المختلفة و كيفية المتابعة و التأكد من عدم تكرارها.
ولكن ما أسباب ذلك؟ أري أن هذا الأمر يتكرر بشكل يومي ليس عن غفلة السادة الإعلاميين و لكن لأنهم يتعاملون مع المجتمعات, حسب النموذج الغربي, كناقلي أخبار لعموم الناس, هكذا بدأت قصة الإعلام. و بالرغم من تطور إستخدامه بشكل كبير بحيث صار الأداة الكبري في توجيه الرأي العام إلا أن الفكرة المسيطرة ما زالت هي نقل و تغطية الأحداث. و قد نجح القليل من الإعلاميين في القيام بالوظيفة الإصلاحية بجانب الوظيفة الإعلامية في بعض الحالات و ليس في كل الحالات (أوبرا وينفري) مثلا. فللجانب الإعلامي الغلبة عند التعارض. 


 


لذلك فأنا أري أن الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام المختلفة في بلادنا في حل أو المساهمة في حل قضايانا و مشاكلنا المحورية هو دور سلبي يضر أكثر مما ينفع.

لقد تقلص دور المفكرين و المصلحين في بلادنا حتي كاد أن يختفي و حل محلهم السادة الإعلاميين الذين يغلب علي أكثرهم الجهل و السطحية و نجحوا في مخاطبة الجانب الغوغائي من الشعوب باستخدام لغة متدنية و سوقية بدعوي البساطة و لهم العذر فأخلاقيات السوق و حجم المبيعات و الإعلانات هي الحكم علي النجاح أو الفشل.

إن المجتمعات التي يشكل وجدانها قيم السوق و اختفي فيها دور المفكرين و المصلحين و حل محلهم حفنة من الشعراء و الجرنالجية ينبغي أن تقوم بمراجعات شاملة وإلا فالعواقب غير مأمونة.  .

هناك تعليق واحد: