السبت، 8 يناير 2011

أي إسلام

أسأل نفسي بين الحين و الاخر عن الإسلام, هل ما بين أيدينا من كم هائل من الكتب و المتون و الشروحات هو الإسلام الذي بعث الله به نبينا محمدا, صلي الله عليه و سلم, أم ماذا؟ هل الإسلام ديانة معقدة إلي الحد الذي تحتاج إلي كل هذه الشروحات لتفهيمها للناس؟ إن الكتب المؤلفة في العقيدة فقط تعد بالمئات و لعالم واحد أكثر من مائة و خمسين شريطا صوتيا يشرح فيها العقيدة.


أفهم هذا الغموض بالنسبة للديانة المسيحية لتبرير التثليث و في العقيدة اليهودية لتبرير شر الإله الذي يعبدونه و لكن ما بال الإسلام العقيدة الناصعة و البسيطة التي شرحها المسلمون المهاجرون إلي الحبشة في كلمات قليلة فهمها النجاشي دونما عناء؟


أفهم هذا التعقيد اللازم لتبرير الواسطة بين العوام و بين الله و المتمثلة في الأحبار و الرهبان, فهل يلعب رجال الدين و المشايخ نفس الدور و نحن لا ندري فصار ضرورة أن نلجأ إليهم في كل صغيرة و كبيرة ليدلونا علي الطريق الصحيح و يحمونا من الوقوع في الضلال؟


هذا سؤال صعب الإجابة عليه دون دراسة و تأصيل للأمور ثم نبني علي هذه الأصول المتفق عليها حتي نصل إلي توصيف حقيقي لحالنا نحن المسلمين مع أنفسنا و مع علمائنا.

أولا يجب أن ننوه أن سبب إرسال الله رسلا للناس أن يبلغوهم أمورا محددة و هي أن الله خلق هذا الكون فهو الله الواحد و أنه خلق الإنسان لعبادته و إستخلفه لعمارة الأرض و بين له كيف يكون ذلك و أن الإنسان سيبعث بعد الموت لمحاسبته علي أعماله في الدنيا فمصيره إما إلي جنة و إما الي نار.

و لذلك نجد أن المواضيع التي ناقشها القران الكريم تنقسم إلي عقيدة وعبادات و معاملات و تزكية نفس.

فأما العقيدة فقد لخصها رسول الله صلي الله عليه و سلم حين أجاب جبريل أن الإيمان هو أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الاخر و القدر خيره و شره.

هذه عقيدة بسيطة و يسيرة دونما تعقيد, هكذا بدأت و هكذا كانت. فما الذي خلق كل هذا التعقيد عن ماهية الله و صفاته؟ من الذي ذهب إلي تقسيم التوحيد إلي توحيد الألوهية و توحيد الربوبية و يجعل شيخا جليلا مثل الألباني يتهم شيخا جليلا اخر هو سيد قطب بالجهل لأنه لا يدري الفرق بينهما؟ و ما الذي جعلنا نناقش هذا الهراء عن خلق القران و نعتبره قديم وليس مخلوقا؟

وقد رسخت هذه العلوم كأنها من الدين و هي تدرس في كل الجامعات الإسلامية في علم التوحيد. ولأن هذا ما وجدنا عليه اباءنا فهو لا يتم مراجعته و يعتبر جزءا من العقيدة التي جاء بها سيدنا محمد و بالطبع إختلف فيها المسلمون و صاروا يتهمون بعضهم بفساد العقيدة و لا حول و لا قوة إلا بالله.

إن العقيدة الإسلامية بسيطة جدا بحق حيث نؤمن أن الله ليس كمثله شيء و أي أمر لم يثبت بدليل قطعي في هذا الشأن نجيب بعدم علمنا عنه كما أجاب الإمام مالك حين سئل عن إستواء الله علي العرش بأن الإستواء( كمعني) معلوم و كيفيته مجهولة و السؤال عنه بدعة.

و لنلخص ذلك نقول إن العقيدة الإسلامية يمكن شرحها في كلمات قليلة و كافية و كل ما تم تأليفه فيها هو ليس جزءا أصيلا منها و لكن هو مجموع استنتاجات مختلفة للعلماء و لا يقوم عليها دليل قطعي السند و لا الدلالة. و العقيدة لا ينبغي أن تبني علي الظن كما أعلم.

في المقالات التالية سأقوم بمناقشة الجوانب الأخري للدين الإسلامي من عبادات و معاملات حتي نصل الي حقيقة ما بأيدينا الان من كتب و تفاسير و متون, جعلت الدين مجموعة من الطلاسم يستعصي فهمها علي المسلمين جميعا و يستاثر بها مجموعة من العلماء فصرنا كالنصاري و اليهود, كقطعان الماشية يقودنا مجموعة من رجال الدين المختلفين مع أنفسهم  و كل منهم يدعي إحتكار الحقيقة دونا عن الاخرين. و صرنا نتبع الرجال و لا نتبع الحق لأننا ببساطة لا نستطيع أن نميز الحق من الباطل في حين أنهم يميزون.

أعلم أن الخوض في هذا الموضوع قد يغضب الكثيرين و لكني أدعوا الجميع إلي التجرد لله حتي يتضح الأمر لنا وندعوه سبحانه علي بصيرة.

هناك 3 تعليقات:

خالد عبد الرحيم يقول...

اللهم لولا أنت ما إهتدينا و تصدقنا و لا صلينا

فأنزلن سكينة علينا و ثبت الأقدام إن لاقينا

,وائل عزيز يقول...

باشمهندس خالد...

أتفق معك على الفكرة العامة للمقال... ولكن أختلف في إطلاق التعميم بأن كل ما كتبه المسلمون في العقيدة هو هراء...

والفكرة أنني كمسلم فإن الله سبحانه وتعالى لن يحاسبني على أكثر مما تفضلت بذكره من الأمور العامة الإجمالية التي وردت في القرآن الكريم بدون التقسيم المدرسي الذي جاء به العلماء...

ولكن هناك ما يسمى ب "الشبهات" التي إما تراود الإنسان نفسه أو يتعرض لها من آخرين مخالفين في العقيدة... ولذلك فمعظم ما كتب في العقيدة هو من باب الرد على الشبهات... وهو محاولات للتحليل والتفسير والتنوير.

أحياناً تصيب وأحياناً تخطيء... أحياناً يكون لها ضرورة وأحياناً يتجاوزها الزمن... من ذلك مثلاُ القول بخلق القرآن ... الذي يبدو الان مسألة ثانوية... ولكنه كان مشكلة في حينه... لأن الفكر سايقاً بني على أساس أن كل ما في الكون إما قديم (الله سبحانه وتعالى) أو حادث (أي مخلوق.. وهو كل ما سوى الله تعالى)... وهنا جاء السؤال ما وضع القرآن؟ هو كلام الله... ولكن الكلام مخلوق والله قديم؟ فهل القرآن قديم أو مخلوق؟!!

وهكذا في العديد من المسائل...
ستجد أن وراءها قصة وشبهة ومسألة فكرية تحتاج إلى نقاش وتوضيح...
.....

لدي المزيد من التعليقات... ولكن أتركها لوقت آخر... ومقال آخر.

تابع فهذه السلسلة ستكون رائعة إن شاء الله.

خالد عبد الرحيم يقول...

اللهم إن كانت غايتنا من هذا الحوار غير معرفة الحق فلا بارك الله فيه من حوار, امين.

دعني يا أخي وائل أختلف معك هنا, فالأمر ينبغي أن يعالج كما عالجه الإمام مالك فقط و ليس بأي طريق اخر.

أنا أعلم تماما كيف بدأت فتنة خلق القران و ما الذي دفع المأمون لتبنيها و لكن الحل الأوحد لكل هذه "المهاترات" هو قول "لا أعلم, فليس لدينا أدلة تحسم الرد علي مثل هذه الأسئلة.

أما إحترامنا لعلمائنا فقائم وواجب و لكن دون أن نعطي لهم قداسة أو ندافع عن كل ارائهم و أفعالهم كأنهم معصومون. وإلا أصبحنا مثل الشيعة و لكن إستبدلنا أئمتهم بعلمائنا.